فصل: فصل في شراب أهل الجنة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موارد الظمآن لدروس الزمان



.فصل في ملابس أهل الجنة:

وبعد أن وصف الله جَلَّ وَعَلا شراب أَهْل الْجَنَّة وآنيته، وما هم فيه من النَّعِيم، وصف ملابسهم بقوله: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ} وذكر بعده حليهم فَقَالَ: {وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ} وفي سورة فاطر يَقُولُ جَلَّ وَعَلا: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ}.
وَقَالَ في الآيَة الأخرى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ} إلخ، وَقَالَ عز من قائل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً * أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً} ففي آية سورة الدخان ذكر جَلَّ وَعَلا من ضروب نعيمهم خمسة ألوان:
1- مساكنهم فَقَالَ: {فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} والمسكن الطيب يطيب بأمرين:
(أ) أن يكون الساكن فيه آمنًا مِنْ جَمِيعِ ما يخافه ويحذر منه، وَهُوَ المقام الأمين.
(ب) أن يكون فيه أسباب النزهة من الجنات والعيون، وَذَلِكَ في قوله: {فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ}.
2- ملابسهم، وهي التي ذكرها بقوله: {يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ}.
3- استئناس بَعْضهمْ ببعض، بجلوسهم على جهة التقابل وَهُوَ ما أشار إليه بقوله: {مُّتَقَابِلِينَ}.
4- الأزواج وَهُوَ المشار إليه بقوله: {كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ}.
5- المأكول كما في قوله: {يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ} هَذَا جزاء المتقين لله، الَّذِينَ تجنبوا ما يسخطه من المعاصي، وفعلوا ما يرضيه من الطاعات، وبعد أن وصف ما هم فيه من نعيم مقيم، بين أن حياتهم في هَذَا النَّعِيم مستمرة دائمة لا يلحقها موت ولا فناء ولا انقطاع فَقَالَ: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}، فلا يخشون في الْجَنَّة موتًا ولا فناءًا أبدًا، ففي الصحيحين أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «يؤتى بالموت في صورة كبش أملح، فيوقف بين الْجَنَّة والنار، ثُمَّ يذبح ثُمَّ يُقَالُ: يا أَهْل الْجَنَّة خلود فلا موت، ويا أَهْل النار خلود فلا موت». وروى أَبُو هُرَيْرَةِ وأبو سعيد أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «يُقَالُ لأَهْل الْجَنَّة إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدًا، وإن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تنعموا فلا تيأسوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا». رواه مسلم.
ومَعَ هَذَا النَّعِيم، فقَدْ نجاهم من عذاب الجحيم، تفضلاً منه وإحسانَا، فأعطاهم ما يطلبون، ونجاهم مِمَّا يرهبون وهَذَا هُوَ الفلاح والفوز العَظِيم.
قال ابن القيم:
أَوَ مَا سَمِعْتَ بِذَبْحِهِ لِلْمَوْتِ بَيْـ ** نَ الْمَنْزِلَيْنِ كَذَبْحِ كَبْشِ الضَّان

حَاشَا لِذَا الْمَلَكِ الْكَرِيمِ وَإِنَّمَا ** هُوَ مَوْتُنَا الْمَحْتُومُ لِلإِنْسَانِ

وَاللهُ يُنْشِىءُ مِنْهُ كَبْشًا أَمْلَحًا ** يَوْمَ الْمَعَادِ يُرَى لَنَا بِعِيَان

وَقَالَ رَحِمَهُ اللهُ:
هَذَا وَخَاتِمَةُ النَّعِيمِ خُلُودُهُم ** أَبَدًا بِدَارِ الأَمْنِ وَالرِّضْوَانِ

أَوَ مَا سَمِعْتَ مُنَادِيَ الإِيمَانِ ** يُخْبِرُ عَنْ مُنَادِيهِمْ بِحُسْنِ بَيَانِ

لَكُمُ حَيَاةٌ مَا بِهَا مَوْتٌ وَعَا ** فِيَةٌ بِلا سُقْمٍ وَلا أَحْزَانِ

وَلَكُمْ نَعِيمٌ مَا بِهِ بُؤْسٌ وَمَا ** لِشَبَابِكُمْ هَرَمٌ مَدَى الأَزْمَانِ

كَلا وَلا نَوْمٌ هُنَاكَ يَكُونَ ذَا ** نَوْمٌ وَمَوْتٌ بَيْنَنَا أَخَوَانِ

هَذَا عَلِمْنَاهُ اضْطِرَارًا مِنْ كِتَا ** بِ اللهِ فَافْهَمْ مُقْتَضَى الْقُرْآن

ونعود إلى لباس أَهْل الْجَنَّة والكلام عَلَيْهِ.
فلباس أَهْل الْجَنَّة في الْجَنَّة الحرير، ومنه سندس، وَهُوَ رفيع الديباج، للقمصان والغلائل ونحوها مِمَّا يلي أبدانهم، والاستبرق هُوَ غليظ الديباج لامعه، مِمَّا يلي الظاهر، كما هُوَ المعهود في لباس الدُّنْيَا، وأما الحل فقيل: إن صفة حلي الأَبْرَار أنه من فضة وصفة حلي المقربين من الذهب، وقيل: لأن أَهْل الْجَنَّة يلبسون هَذَا تَارَّة، والآخِر تَارَّة، وقَدْ يجمعون بينهما. وَاللهُ أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

.فصل في شراب أهل الجنة:

ثُمَّ بعد ذَلِكَ ذكر جَلَّ وَعَلا وتقدس أنهم يسقون شرابًا آخر طهورًا، قيل: طاهرٌ من الأقذار والأقذاء، لم تدنسه الأيدي والأرجل، كخمر الدُّنْيَا وقيل إنه لا يصير بولاً نجسًا ولكنه يصير في أبدانهم كريح المسك، وَذَلِكَ أنهم يؤتون بالطعام فيأكلون، فإذا كَانَ آخر ذَلِكَ أتوا بالشراب الطهور فيشربون، فتطهر بطونهم، ويصير ما أكلوا رشحًا، يخَرَجَ من جلودهم أطيب من المسك الأذفر، وتضمر بطونهم، وتعود شهوتهم، وَقَالَ مقاتل: هُوَ عين ماء على باب الْجَنَّة، من شرب منها نزع الله ما في قَلْبهُ من غل وغش وحسد. وعن أمير الْمُؤْمِنِين علي بن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنه قال: إذا انتهى أَهْل الْجَنَّة إلى باب الْجَنَّة وجدوا هنالك عينين، فكأنما ألهموا ذَلِكَ، فشربوا من إحداهما، فأذهب الله ما في بطونهم من أذى، ثُمَّ اغتسلوا من الأخرى فجرت عَلَيْهمْ نضرة النَّعِيم، فأخبر سُبْحَانَهُ وتَعَالَى بحالهم الظاهر، وجمالهم الباطن، وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ اليوم فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ * سَلَامٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ} في هذه الآيات يخبر جَلَّ وَعَلا عن أَهْل الْجَنَّة: أنهم يوم القيامة إذا ارتحلوا من العرصات فنزلوا في روضات الجنات، أنهم في شغل مفكة للنفس، ملذٍ لها، من كُلّ ما تهواه النُّفُوس، وتلذه العيون. قال الحسن البصري وإسماعيل بن خالد: في شغل عما فيه أَهْل النار من الْعَذَاب. وَقَالَ ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب وعكرمة والحسن وقتادة والأعمش وسليمان التيمي والأوزاعي: شغلهم افتضاض الأبكار.
والخلاصة أن من يدخل الْجَنَّة يتمتع بنعيمها ولذاتها، ويكون بذَلِكَ في شغل عما سواه، إذ يرى ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فأنى له أن يفكر فيما سواه وَهُوَ بذَلِكَ فرح مستبشر، ضحوك السن، هادئ البال، لا يرى شَيْئًا يغمه أو ينغص عَلَيْهِ حبوره وسروره.
وَلَقَدْ رُوِينَا أَنَّ شُغْلَهُم الَّذِي ** قَدْ جَاءَ فِي يَس دُونَ بَيَانِ

شُغْلُ الْعَرُوسِ بِعُرْسِهِ مِنْ بَعْدِمَا ** عَبِثَتْ بِهِ الأَشْوَاقُ طُولَ زَمَانِ

بِاللهِ لا تَسْأَلْهُ عَنْ أَشْغَالِهِ ** تِلْكَ اللَّيَالِي شَأْنُهُ ذُو شَانِ

وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً بِصَبٍّ غَابَ عَنْ ** مَحْبُوبِهِ فِي شَاسِعِ الْبُلْدَانِ

وَالشَّوْقُ يُزْعِجُهُ إليه وَمَا لَهُ ** بِلِقَائِهِ سَبِبٌ مِن الإِمْكَانِ

وَافَى إليه بَعْدَ طُولِ مَغِيبِهِ ** عَنْهُ وَصَارَ الْوَصْلُ ذَا إِمْكَانِ

أَتَلُومُهُ أَنْ صَارَ ذَا شُغْلٍ بِهِ ** لا وَالَّذِي أَعْطَى بِلا حُسْبَانِ

يَا رَبُّ غَفْرًا قَدْ طَغَتْ أَقْلامُنَا ** يَا رَبُّ مَعْذِرَةً مِنَ الطُّغْيَان

اللَّهُمَّ أعطنا من الْخَيْر فوق ما نرجو واصرف عنا من السُّوء فوق ما نحذر. اللَّهُمَّ علق قلوبنا برجائك واقطع رجاءنا عمن سواك. اللَّهُمَّ إنك تعلم عيوبنا فاسترها وتعلم حاجتنا فاقضها كفى بك وليًا وكفى بك نصيرًا يا رب العالمين. اللَّهُمَّ وفقنا لسلوك سبيل عبادك الأخيار، وَاْغِفرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
فصل:
قال تَعَالَى: {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ اليوم وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ} يذكر جَلَّ وَعَلا ما يتلقى به عباده الْمُؤْمِنِين، الْمُتَحَابِّينَ فيه، تشريفًا لَهُمْ وتكريمًا، وتسكينًا لروعهم، مِمَّا يكون في ذَلِكَ اليوم من الأهوال والكروب والشدائد، فَقَالَ: {يَا عِبَادِ} الآيَة. ثُمَّ بين من يستحق هَذَا الندا فَقَالَ: {الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ} فعِنْدَمَا يسمَعَ النَّاس المنادي ينادي بالآيَة الأولى، وهي قوله: {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ اليوم وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ} يرجوها النَّاس كلهم فإذا سمعوا الآيَة التي تليها يئس النَّاس منها غير الْمُؤْمِنِين ثُمَّ ذكر ما يُقَالُ لَهُمْ على سبيل البشرى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ} وبعد ذَلِكَ ذكر طرفًا مِمَّا يتنعمون به من النَّعِيم، فَقَالَ: {يُطَافُ عَلَيْهمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ} أي وبعد أن يستقروا بالْجَنَّة، ويهدأ روعهم، تدور عَلَيْهمْ خدامهم من الولدان المخلدين بصحاف من الذهب، مترعة بألوان الأطعمة، وبأكواب فيها أصناف الشراب مِمَّا لذ وطاب.
وعن أنس قال: كَانَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعجبه الرؤيا، فيسأل عَنْهُ إذا لم يكن يعرفه، فإذا أُثْنِيَ عَلَيْهِ معروف كَانَ أعجب لرؤياه إليه، فأتته امرأة فقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ رأيت كأني أتيت، فأخرجت من الْمَدِينَة، فأدخلت الْجَنَّة، فسمعت وجبة انفتحت لها الْجَنَّة، فنظرت فإذا فلان وفلان وفلان، فسمت اثني عشر رجلاً كَانَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بعثهم في سرية قبل ذَلِكَ، فجيء بِهُمْ عَلَيْهمْ ثياب طلس، تشخب أوداجهم، فقيل: اذهبوا بِهُمْ إلى نهر البيذخ، قال: فغمسوا فيه، فخرجوا ووجوههم كالقمر ليلة البدر، فأتوا بصحفة من ذهب فيها بسر، فأكلوا من ذَلِكَ البسر ما شاءوا، فما يقلبونها من وجه إِلا أكلوا من الفاكهة ما أرادوا، وأكلت معهم، فَجَاءَ البشير من تلك السرية، فَقَالَ: أصيب فلان، وفلان، حتى عد اثني عشر رجلاً، فدعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المرأة فَقَالَ: «قصي رؤياك» فقصتها وجعلت تَقُول: جيء بفلان، وفلان كما قال. رواه الإمام أَحَمَد في مسنده بنحوه وإسناده على شرط مسلم.
وبعد هَذَا التفصيل لبعض ما في الْجَنَّة من نعيم، عمم ذَلِكَ فَقَالَ: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ففيها ما تشتهيه أنفس أهلها من صنوف الأطعمة والأشربة والألبسة، والأياء المعقولة والمسموعة، ونحوها مِمَّا تطلبه النُّفُوس وتهواه، كائنًا ما كَانَ.
وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً * حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً * وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً * وَكَأْساً دِهَاقاً} بعد أن ذكر جَلَّ وَعَلا حال المجرمين المكذبين الطاغين، أعقبه بمآل المتقين، وما يفوزون به من الجنات التي وصفها، ووصف ما فيها، وذكر أنها عطاء منه، ففي ذكرها استنهاظ، وحث لعوالي الهمم، بدعوتهم إلى المثابرة على الطاعات والازدياد منها، وفي تذكر ما في هَذَا المفاز والمنجى الْبَعِيد عن النار، والزوجات الكواعب، اللاتي على سن واحد متقارب، ما يمنع ذا اللب من الانهماك في الدُّنْيَا ولذاتها، وقتل الأوقات في طلبها وتحصيلها.
قال ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ: فَصْلٌ فيما أعد الله لأوليائه المتمسكين بالْكِتَاب والسنة:
يَا خَاطِبَ الْحُورِ الْحِسَانِ وَطَالِبًا ** لِوِصَالِهِنَّ بِجَنَّةِ الْحَيَوَانِ

لَوْ كُنْتَ تَدْرِي مَنْ خَطَبْتَ وَمَنْ طَلَبْـ ** تَ بَذَلْتَ مَا تَحْوِي مِنَ الأَثْمَانِ

أَوْ كُنْتَ تَدْرِي أَيْنَ مَسْكَنُهَا جَعَلْـ ** ـتَ السَّعْيَ مِنْكَ لَهَا عَلَى الأَجْفَانِ

وَلَقَدْ وَصَفْتُ طَرِيقَ مَسْكَنِهَا فَإِنْ ** رُمْتَ الْوِصَالَ فَلا تَكُنْ بِالْوَانِي

أَسْرِعْ وَحُثَّ السَّيْرَ جَهْدَكَ إِنَّمَا ** مَسْرَاكَ هَذَا سَاعَةً لِزَمَانِ

فَاعْشِقْ وَحَدِّثْ بِالْوِصَالِ النَّفْسَ وَابْـ ** ـذِلْ مَهْرَهَا مَا دُمْتَ ذَا إِمْكَانِ

وَاجْعَلْ صِيَامَكَ قَبْلَ لُقْيَاهَا وَيَوْ ** مْ الْوَصْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانِ

وَاجْعَلْ نُعُوتَ جَمَالِهَا الْحَادِي وَسِرْ ** تَلْقَى الْمَخَاوُفَ وَهِيَ ذَاتُ أَمَان

لا يُلْهِيَنَّكَ مَنْزِلٌ لَعِبْتَ بِهِ ** أَيْدِي الْبِلا مِنْ سَالِفِ الأَزْمَانِ

فَلَقَدْ تَرَحَّلَ عَنْهُ كُلُّ مُسَرَّةٍ ** وَتَبَدَلَتْ بَالْهَمِّ وَالأَحْزَانِ

سِجْنٌ يَضِيقُ بِصَاحِبِ الإِيمَانِ لَـ ** ـكِنْ جَنَّةُ الْمَأْوَى لِذِي الْكُفْرَانِ

سُكَّانُهَا أَهْلُ الْجَهَالَةِ وَالْبَطَا ** لَةِ وَالسَّفَاهَةِ أَنْجَسُ السُّكَّانِ

وَأَلَذُّهُمْ عَيْشًا فَأَجْهَلُهُمْ بِحَـ ** ـقِ اللهِ ثُمَّ حَقَائِقِ الْقُرْآنِ

عَمْرتْ بِهِمْ هَذِي الدِّيَارُ وَأَقْفَرَتْ ** مِنْهُمْ رُبُوعُ الْعِلْمِ وَالإِيمَانِ

قَدْ آثَرُوا الدُّنْيَا وَلَذَّةُ عَيْشِهَا الْـ ** فَانِي عَلَى الْجَنَّاتِ وَالرِّضْوَانِ

صَحِبُوا الأَمَانِي وَابْتُلُوا بِحُظُوظِهِمْ ** وَرَضُوا بِكُلِّ مَذَلَّةٍ وَهَوَانِ

كَدْحًا وَكَدًا لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ ** مَا فِيهِ مِنْ غَمٍّ وَمِنْ أَحْزَانِ

وَاللهِ لَوْ شَاهَدتَ هَاتَيْكَ الصُّدُو ** رِ رَأَيْتَهَا كَمَرَاجِلِ النِّيرَان

وَوَقُودُهَا الشَّهَوَاتُ وَالْحَسَرَاتُ وَالآ ** لامُ لا تَخْبُو مَدَى الأَزْمَانِ

أَبْدَانُهُمْ أَجْدَاثُ هَاتِيكَ النُّفُو ** سِ اللائِي قَدْ قُبِرتْ مَعَ الأَبْدَانِ

أَرْوَاحُهُمْ فِي وَحْشَةٍ وَجُسُومُهُمْ ** فِي كَدْحِهَا لا فِي رِضَا الرَّحْمَنِ

هَرَبُوا مِن الرِّقِ الَّذِي خُلِقُوا لَهُ ** فَبُلُو بِرِقِّ النَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ

لا تَرْضَ مَا اخْتَارُوا هُمُ لِنُفُوسِهِمْ ** فَقَدْ ارْتَضُوا بِالذُّلِّ وَالْحِرْمَانِ

لَوْ سَاوَتْ الدُّنْيَا جَنَاحَ بَعُوضَةٍ ** لَمْ َيَسْقِ مِنْهَا الرَّبُّ ذُو الْكُفْرَانِ

لَكِنَّهَا وَاللهِ أَحْقَرُ عِنْدَهُ ** مِنْ ذَا الْجَنَاحِ الْقَاصِرِ الطَّيَرَانِ

وَلَقَدْ تَوَلَّتْ بَعْدُ عَنْ أَصْحَابِهَا ** فَالسَّعْدُ مِنْهَا حَلَّ بِالدَّبَرَانِ

لا يُرْتَجَى مِنْهَا الْوَفَاءُ لِصَبِّهَا ** أَيْنَ الْوَفَا مِنْ غَادِرِ خَوَّانِ

طُبِعَتْ عَلَى كَدْرِ فَكَيْفَ يَنَالُهَا ** صَفْوٌ أهَذَا قَطُ فِي إِمْكَان

يَا عَاشِقَ الدُّنْيَا تَأَهَّبْ لِلَّذِي ** قَدْ نَالَهُ الْعُشَّاقُ كُلَّ زَمَانِ

أَوْ مَا سَمِعْتَ بَلْ رَأَيْتَ مَصَارِعَ الْـ ** ـعُشَّاقِ مِنْ شَيْبٍ وَمِنْ شُبَّان

اللَّهُمَّ إليك بدعائنا توجهنا وبفنائك أنخنا وَإِيَّاكَ أملنا ولما عندك من الجود والإحسان طلبنا ولرحمتك رجونا، ومن عذابك أشفقنا ولعفوك وغفرانك تعرضنا فاعف عنا وَاْغِفرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
فصل:
قَالَ اللهُ تَعَالَى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلَّا سَلَاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً * تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً} لما ذكر تَعَالَى أنه يدخل التائبين الْجَنَّة، وصف هذه الْجَنَّة بجملة أوصاف:
أولاً: أحبر أنها جنات إقامة دائمة، لا كجنات الدُّنْيَا، وقَدْ وعد بها المتقين، وهي غائبة لم يشاهدوها، ووعد الله حق لا يخلف، فهم آتوها لا محالة.
ثانيًا: أنهم لا يسمعون فيها كلامًا ساقطًا تافهًا لا معنى له، كما يوَجَدَ في الدُّنْيَا، بل يسمعون فيها سلامًا، والسَّلام اسم جامَعَ للخَيْر، لأنه يضمن السلامة.
ثالثًا: أن لَهُمْ ما يشتهون من المطاعم والمشارب، في قدر وَقْت البكرة ووَقْت العشي من نهار أيام الدُّنْيَا، أي إن الَّذِي بين غدائهم وعشائهم في الْجَنَّة قدر ما بين غداء أحدنا في الدُّنْيَا وعشائه.
فَكَّرْتُ فِي الْجَنَّةِ الْعُلْيَا فَلَمْ أَرَهَا ** تَنَالُ إِلا عَلَى جَسْرٍ مِنَ التَّعَب

ولما ذكر جَلَّ وَعَلا وتقدس أن هذه الْجَنَّة تخالف جنات الدُّنْيَا ذكر ما هُوَ سبب استحقاقها فَقَالَ: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً} المعنى: هذه الْجَنَّة التي وصفت بهذه الصفات الشريفة، نورثها من عبادنا المتقين الَّذِينَ يطيعون الله في السِّرّ والعلن، ومعنى إيراثهم الْجَنَّة: الإنعام عَلَيْهمْ بالخلود فيها في أكمل نعيم، وقيل: نجعلها لَهُمْ كملك الميراث الَّذِي هُوَ أقوى تمليك، بأن نبقي عَلَيْهِ الْجَنَّة، كما نبقي على الوارث مال الموروث، ولأن الأتقاء يلقون ربهم يوم القيامة وقَدْ انقضت أعمالهم، وثمرتها باقية وهي الْجَنَّة، فإن أدخلهم الْجَنَّة فقَدْ أورثهم من تقواهم، كما يورث الوارث من المتوفى الْمَال الَّذِي خلفه.
وجَاءَ بمعنى الآيَة قوله تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} إلى أن قال: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً}، وَقَالَ: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ * مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ * وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ * إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ}، وَقَالَ: {أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً}، وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاة وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهمْ مِّن كُلّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} إلى غير ذَلِكَ من الآيات المنوهة بذكرهم وشرفهم وعظم جزائهم فنكتفي بالآيات التي ذكرنا، وما أوضحناه من معاني الآيات السابقات نسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام، بديع السماوات والأَرْض، الواحد الأحد الفرض الصمد، الَّذِي: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ} أن ينفع بها إنه القادر على ذَلِكَ.
وأما الأحاديث الواردة في الْجَنَّة، فمنها ما ورد عن أَبِي هُرَيْرَةِ عن رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قال الله تبارك وتَعَالَى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» واقرؤوا إن شئتم: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، وعنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَّلُ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّىٍّ في السَّمَاءِ إِضَاءَةً، لاَ يَبُولُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ وَلاَ يَتْفِلُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ، أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ، وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ، أَزْوَاجُهُمُ الْحُورُ الْعِينُ، عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ، سِتُّونَ ذِرَاعًا في السَّمَاءِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قال ابن القيم:
هَذَا وَسِنَّهُمْ ثَلاثٌ مَعَ ثَلا ** ثِينَ الَّتِي هِيَ قُوَّةُ الشُّبَّانِ

وَصَغِيرُهُمْ وَكَبِيرُهُمْ فِي ذَا عَلَى ** حَدٍ سَوَاءٌ مَا سِوَى الْوِلْدَان

وَلَقَدْ رَوَى الْخُضَرِيُّ أَيْضًا أَنَّهُمْ ** أَبْنَاءُ عَشْرٍ بَعْدَهَا عَشْرَانِ

وَكِلاهُمَا فِي التِّرْمِذِيُّ وَلَيْسَ ذَا ** بِتَنَاقُضٍ بَلْ هَا هُنَا أَمْرَانِ

حَذْفُ الثَّلاثِ وَنَيِّفٌ بَعْدَ الْعُقُو ** دِ وَذِكْرَ ذَلِكَ عِنْدَهُمُ سِيَّانِ

عِنْدَ اتِّسَاعٍ فِي الْكَلامِ وَعِنْدَمَا ** يَأْتُوا بِتَحْرِيرٍ فَبِالْمِيزَانِ

وَالطُّولُ طُولُ أَبِيهِمْ سِتُّونَ لَـ ** كِنْ عَرْضُهم سَبْعٌ بِلا نُقْصَانِ

الطُّولُ صَحَّ بِغَيْرِ شَكٍّ فِي الصَّحِيـ ** ـحَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا لَنَا شَمْسَانِ

وَالْعَرْضُ لَمْ نَعْرِفْهُ فِي إِحْدَاهُمَا ** لَكِنْ رَوَاهُ أَحْمَد ُالشَّيْبَانِي

هَذَا وَلا يَخْفي التَّنَاسُبُ بَيْنَ هَـ ** ذَا الْعَرْضِ وَالطُّولِ الْبَدِيعِ الشَّانِ

كُلُّ عَلَى مِقْدَراِ صَاحِبِهِ وَذَا ** تَقْدِيرُ مُتْقِنِ صَنْعَةِ الإِنْسَانِ

هَذَا كَمَالُ الْحُسْنِ فِي أَبْشَارِهِمْ ** وَشُعُورِهِمْ وَكَذَلِكَ الْعَيْنَانِ

أَلْوَانُهُمْ بِيضُ وَلَيْسَ لَهُمْ لُحَى ** جُعْدُ الشُّعُور مُكَحَّلُوا الأَجْفَان

اللَّهُمَّ اسلك بنا سبيل النجاة، وبلغ كلامنا ما أمله ورجاءه واجعل لنا عندك أعظم قدر وجاه، ولا تحرمنا من فضلك العَظِيم يا أكرم الأكرمين، وَأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَاْغِفرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.